My Life, Your Universe ! حياتي، كونكم

لطالما اعتقدت أنّ الكتابة هي محاولة فاشلة للموت، ألفظ أنفاساً أظنّها الأخيرة ولكنّني أعود للعيش من جديد. فاشهدوا، في هذه المدوّنة، موتي وعودتي للحياة مراراً وتكراراُ

Sunday, October 08, 2006

بلا هويّة


لا أستطيع الإحساس بنفسي اليوم.
كأنّ هنالك سداً منيعاً بينها وبين جسدي. لست حزينة، ولكنّي لست سعيدة أيضاً.
هذا الشعور نفسه يراودني بين الحين والآخر. حالة سبات نفسيّ.
للأسف، هذا لا يساعدني على الكتابة، تلك القناة التي تصل بين شغف نفسي ويدي، مقطوعة.
ما من ذبيحة اليوم كي أصبغ بدمائها أحرفي.
لذلك اخترت لكم سطوراً، بدأت بكتابتها منذ حوالي السّنة ولم أنتهي منها بعد. اخترتها آملة أن تجدوا فيها ما يفسّر عجزي اليوم، فتعذروني. لم أختر لها عنواناً بعد، إذ ما زالت مجهولة الهويّة.
----------------------------------------------------


جلست لتكتب علّها تفرغ قلقها على ورق.

ها هي تضع القلم بين أسنانها وتفكّر...
تنتابها مشاعر قوية لدرجة أنها تخاف أن تحمّل القلم بها كي لا ينفجر، فحينها سيفضحها الحبر الأزرق المتشظّي على الجدران.
نظرت إلى القلم مستفسرة:
" هل ستستطيع تحمّل معاناتي؟ هل ستفرغها بصدق على الصفحات البيضاء العطشى للألوان؟ أم أنّك ستعاندني وستأبى النطق بما أبغي؟"

في كلّ مرّة يصعب عليهاأن تفتح قلبها لقلم!
هي تدري أنّ الكتابة هي محاولة فاشلة للموت، تلفظ أنفاساً تظنّها الأخيرة، فترسم أفكارها حروفاً، وتتقنها كأنّها آخر ما ستكتب، ولكنّها تعود لتعيش من جديد.
الشيء الوحيد الذي يكون قد مات هو الذي انصبغت دماؤه بالأزرق فوق الأوراق البيضاء.
في كلّ مرّة يصعب عليها الموت من جديد!

سمعت أحدهم مرّة يصرّح في إحدى المسابقات الأدبية:
" ...الأدباء يُستكتبون ولا يكتبون..."
أرعبتها الفكرة.
استنكرت كون كتاباتها ترجمة لرغبات قوىً خفيّة مهما عظُم شأن هذه القوى وعلا.
هي من الأنانية بحيث ترفض أن تعزو هبتها إلى أيّ شيء آخر سوى نفسها.
هي من العناد بحيث أنّها أضحت تهمل حاجتها إلى الكتابة كي تثبت قوّتها أمام القوى التي تنال التقديرعوضاً عنها.
هي من الجنون بحيث أنّها تحاول اليوم كتابة أشياءً خاصّة بها فقط كي يُستحالُ أن تُعزى إلى آخرين.

غالباً ما تستغرقها الجملة الأولى في كلّ قصّة أو مقال زمناً طويلاً قد لا تستغرقه كتابة أيّة فكرة لاحقة، فبرأيها الجملة الأولى هي التي تحدّد مسار الحروف اللاحقة، وهي التي قد تحثّ القارىء على المتابعة أو تدفعه إلى إغلاق الكتاب.
هي تكتب برأس قارىء وقلب كاتب، فينقد رأسها ما كتبه قلبها، وتعديل ما كُتب شرٌّ لا بدّ منه، إذ مهما بلغت أهميته ما زالت تعتبره تقويضاً لجنونها.

ما زالت تداعب القلم بين أصابعها، وتحملق في الورقة البيضاء دون فائدة.
ما أرادت مسبقاً إماتته على ورق، عزّت عليها مفارقته.
وضعت كلّ شيء أمامها واتّجهت نحو الشرفة تهزّ رأسها موافقة على مقولة:
" أعظم الكتب هي التي لم تُكتب بعد"، بعدما تردّدت في رأسها مراراً كأنّها تستحضرها كي تبرّر فشلها اليوم.

على الشرفة وقفت تبتسم كالبلهاء.
استندت على الدرابزين الحديديّ، وأغمضت عينيها تواجه نسيم المساء الساحليّ.
كم تحبّ هذا النسيم، يشعرها بنشوة عارمة. يداعب وجنتيها بكلّ حنان ويمرّر أصابعه في شعرها فيتطاير. يذكّرها بحبيب سابق اعتاد مداعبة شعرها بلطف، إذ أحبّ الخصل السوداء المجعّدة. هو الآخر كالنّسيم، يمرّ لطيفاً دون أن يترك أيّ أثر يُذكر.
هي التي تطلب الحبّ العاصف الذي يقلعها من جذورها ليضيع بها في السماء، فتدور وتدور مع أعاصيره وتهطل مع أمطاره وتسبح مع غيومه السوداء.
تريد ذلك الذي يوحّدها مع كيانه بدل أن يتوحّد معها...
ذلك الذي يجعلها جزءاً منه بدل أن يصبح جزءاً منها...

"إعشقني وتعذب، إعشقني وتألّم، فبذلك فقط أعلم أنّك تعشقني..."
تذكر هذه العبارة جيّداً، إذ ختمت بها قصيدة مراهقة قبل عدّة سنوات، وما زالت تردّدها حتّى اليوم.
تعتقد أن العذاب أساسيّ في الحبّ. فما أجمل أن يتعذب رجل من أجلها. فتطهّره نار العشق بحرارتها من كلّ الرواسب الذكوريّة المتسلّطة ويفرغ داخله استعداداً لاستقبالها.
عندها فقط تسكنه فيصيرا واحداً من كلّ وكلاًّ من واحد.

ترى بعض الفتيات يرحن ويجئن على الطريق المحاذي لمنزلها وهنّ بكامل أناقتهنّ. فتيات صغيرات تأنّقن للحبّ آملات أن تجدنه وراء المفترق التالي.
تبتسم، وتتذكّر" أنور".
يتبع....

1 Comments:

Anonymous Anonymous said...

hi ma ba3ref chou bade 2oul ma fi kalimait bte2dour t3aber 3an li bi 2albe w 2e7ssece ana w 3am be2ra w betmanelik el ta2adoum w ala ywaf2ik


naja metry

10/09/2006 1:59 pm  

Post a Comment

<< Home

Free Counters